درستُ فی هذهِ الرحلهِ الشاقهِ والممتعه فی آن معاً موضوعاً یُعدُّ من الموضوعاتَ الأدبیهِ المهمهِ ، ومنهجاً من أهمِّ المناهجِ أَلا وهوَ الأسلوبیه فی الشعرِ ، فکان الموضوع لشعرِ شاعرٍ معاصرٍ هو الشاعر مهدی النهیریّ ، فکان الوصلُ بین المنهج والشاعر عنواناً لهذه الدراسه ، وأعنی بها : شعرُ مهدی النهیریّ دراسه أُسلوبیه ، ولما کان مدار البحثِ فی المنهج الوصفی التحلیلی وفق الدراسه الأسلوبیه ، لأن الأسلوبیهَ منهج إجرائی ، یتمُّ من خلالهِ استقراء النصوص ومقاربتها . لذلک جاءت هذهِ الدراسه التی تناولت شعر النهیریّ مبدوءه بالمقدمه التی جاء فیها حدیثنا عن النتاجات الفکریه والإنسانیه والمتمثله بالوعی ، والذی بطبیعتهِ یعطی التجدید ویسعی إلی التغییرِ فی کشفِ الأعمالِ وتحلیلها أدبیّاً بشرطِ أنْ یکون العمل بعیداً عن الطعنِ أو الزیادهِ والنقصانِ فی تلک النصوص ، بل یکون تحلیلاً أدبیّاً مع اختلاف أنواعهِ ، لذا سَعتْ الدراساتُ النقدیهُ المعاصره إلی جعلِ هذا العمل بعیداً عن تلک البوتقه المقیّده ، والبحثُ فی الخصائصِ والوظائفِ الجمالیهِ التی من خلالها یتمُّ البحث عن أسرارِ البنیه ِ، عن طریقِ النهج الأسلوبی ، وهو المنهج الذی تم اختیاره لکی یکون الوسیله التی نصلُ من خلالها لنتاجِ الشاعرِ النهیریّ ، والذی یُعدُّ من شعراءِ الحداثهِ . لذا فان أهم الظواهر والخصائص الأسلوبیه التی امتاز بها شعر النهیریّ وجدتُ الرؤیهَ الشعریهَ التی تستدعی حضور المتلقی ، ووجدتُ الاسالیب اللغویه المستخدمه فی شعرهِ کانت مختاره وبدقه عالیه من أجل الوصول إلی المعنی المراد ، ویضاف إلیها صورهُ الانزیاح التی یکسب من خلالها قوه التأثیر بالمتلقی وشَدّ انتباههِ واثارتهِ ، وتطرقتُ لأهمیّه هذا البحث التی تکمن فی شعرِ النهیریّ ودراسه نصوصه الشعریه العَذِبه السلسه، والوقوف علی ما تمیزت به تلک النصوص من انسجام بین الألفاظِ والمعانی ، وقدره فائقه علی التولیف بینهما بطریقه معبره ومؤثره ، ویضافُ إلی ذلکَ ان هذهِ الدراسه هدفت إلی رصدِ أهم الأسالیب والکشف عن رؤیا الشاعرِ ، فکوّنت الدراسهُ نتائجها من تفاعل هذا المنهج مع نصوص النهیریّ ، وذلک لقدره تلک النصوص الفائقه علی الاستجابه لهذا المنهج ، وإنَّ نصوص النهیریّ الشعریه متنوعه ما بین العمودی والحر ، والمختلط بینهما ، ووجود الإیقاعُ بنوعیهِ ، الخارجی ( الوزن ، القافیه ) ، والداخلی ( التکرار ، الجناس ) ، مرتبطٌ برؤیا الشاعر ، وکذلک شغل أُسلوب الاستفهام المرتبه الأولی من بین الأسالیب الأخری المتمثله ب ( النداء ، الأمر ، التعجب ) ضمن المستوی الترکیبی ، وکذلک استخدم الشاعرُ أُسلوبی ( الوصل ، والفصل ) ، لأنهُ عارفٌ بأحوالِ اللغهِ وارتباطِها بأحاسیسهِ ومشاعرهِ ، واستخدم الشاعرُ النهیریّ ( التقدیم والتأخیر ) ، وجعل لهُ حیزاً فی شعرهِ ، ویضاف إلی ذلک توظیفَهُ لبعضِ الأنزیاحات ، وبعض الرؤیا ، تارکاً للمتلقی مساحه واسعه للبحث عنها ، وکان لأسلوبِ التشبیه حضورٌ فی نصوصِ النهیریّ ، فوظَّفهُ للکشفِ عن حقیقهِ وصفٍ أراد إیصالهُ للمتلقی ، واعتمد الشاعرُ علی أُسلوبِ الاستعارهِ بنوعیها ( التصریحیه ، والمکنیه ) معتمداً علی الإشاره والتلمیح .ویضاف إلی ذلک توظیفهُ للشخصیات ( الدینیه ، والأدبیه ) ، بوصفها رموزاً یحتذی بها، ویقتفی نهجِها ، وکذلک وظَّفَ ( اللون ) وجعله رمزاً لبعضِ الأمورِ وذلک بحسب نوعهِ