یعد الغزل " أصدق فنون الشعر إذ یتسم بصدق الأداء وصدق التعبیر عن الوجدان وتصویر المشاعر والأحاسیس, حیث لم یکن الدافع وراءه ما دفع أصحاب المدح والوصف والهجاء والفخر – فهذه الأغراض غالباً ما یبعثها التملق – فتُحرم الصدق فی المشاعر والحراره فی العاطفه والإخلاص فی الوجدان ، وتأتی متکلفه المعانی باهته الصور مصطنعه الأداء . ولا یصدر تصویر المرأه فی الشعر عن مطمع مادی أو رغبه فی مال أو عطاء ، خاصه العذری منه الذی لا یهدف صاحبه من نظمه إلی رغبه فی متعه أو لقاء غیر مشروع بل یصدر عن تعبیر صادق وعاطفه صادقه ووجدان مخلص یبدو فی التعبیر وفی الأداء.والغزل هو فن ، ومیزه هذا الفن من شأنه أن یوقظ فی قارئه قبساً من الإحساس بالجمال : جمال الحیاه ، وجمال المرأه ، وقلما خلا أدب من الغزل ، لأنه أنشوده کل قلب شوقاً إلی المرغوب فیه جسداً وروحاً .احتل شعر الحب والغزل حیزاً واسعاً من الثروه الشعریه العربیه منذ زمن الجاهلیه وحتی یومنا هذا ،لما یمثله الحب من شعور انسانی متأصل فی النفوس، وعواطف جیاشه وانفعالات متدفقه وصادقه، وما یجسده من هجر ووصل ولوعه وغصه وسعاده وشقاء وعذاب ولقاء .وهذا اللون من الشعر الوجدانی العاطفی یمثل بشکوی الروح، وما یلاقیه العاشق الولهان والمحب المتیم من تباریح الحب والوجد والشوق وقسوه البعد ومراره الحرمان وما یمیز هذا الشعر انه شعر صادق العاطفه رصین التعبیر ، عف الضمیر واللسان، غنی القلب والشعور. عرفه الشعر العربی علی مدی العصور والأزمنه روائع شعریه عدیده قیلت فی الحب والغزل والوقوف علی أطلال الحبیبه. ولم یکتم الشعراء عواطفهم ولم یخجلوا من التعبیر عما یختلج فی قلوبهم من مشاعر فیاضه واحساس بالحب والعشق فجاءت قصائدهم الغزلیه تتصف بجزاله اللفظ والسلامه والرقه والنعومه وصدق الکلمه وانسیاب اللغه وتعبیر عن الألم والفراق. ویمتاز الشعر الغزلی بالعاطفه القویه الصادقه والروح الانسانیه العاشقه ونجد فیه النصاعه ومتانه السبک ، والموسیقی، والجرس القوی والقوافی الجمیله، والخیال الخصب الرائع الألیف ، والصور الشعریه الانیقه الخلابه والشعور الانسانی النقی الفیاض المنبعث من اعماق القلب یتغزل بأبیات نسجت کلماتها بأنغام موسیقیه شفافه تجمع بین العاطفه والخیال لترتقی الی قمه الابداع والتوهج الشعری . اما فی العصر الحدیث والمعاصر فقد نهج شعراء العصر الحدیث نهج من سبقهم من شعراء الغزل فی الوصف والتغنی بجمال جسد المرأه ومحاسنها وجاء الغزل فی اغلب مقدمات قصائدهم الا ان البعض الاخر تغیر شکل شعر الحب والغزل عنده بما یلائم العصر ومتطلبات الحیاه الیومیه وحالات المجتمع وتطوره.
